منتدى ابن الجبل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابن الجبل

منتدى ابن الجبل بني معروف دروز السويداء
 
الرئيسيةالبوابةراديو صوت الجبلأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتابات أقفال الحبّ على الجسر الأحمر الجديد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Jalili
عضو ذهبي
عضو ذهبي
Jalili


اهلا وسهلا بكم في منتدى ابن الجبل منتدى ابن الجبل
الجنس ذكر
s : كتابات أقفال الحبّ على الجسر الأحمر الجديد _4805610
عدد المساهمات عدد المساهمات : 472
نقاط نقاط : 1404
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 25/07/2011
العمر العمر : 79
موقع موقع : Finland
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : المطالعة، المشي
المزاج المزاج : حقاني
الابراج الابراج : الجوزاء
الأبراج الصينية : القرد

كتابات أقفال الحبّ على الجسر الأحمر الجديد Empty
مُساهمةموضوع: كتابات أقفال الحبّ على الجسر الأحمر الجديد   كتابات أقفال الحبّ على الجسر الأحمر الجديد Emptyالأربعاء سبتمبر 21, 2022 1:21 pm

ِكتاباتُ أقفالِ الحبّ على الجسرِ الأحمرِ الجديد
حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


مررتُ بشخصين مُسنّين، رجل وزوجته، واقفيْن في شارع فرعيّ قُبالةَ بيت قريب من بيتي. سألاني وأمارات العجب مرتسمة على محيّاهما: يبدو أن هذا البيت مهجور، لون ستائر النوافذ ووضعيّتها ثابتان لا يتبدّلان، الحديقة أضحت غير حديقة، الأعشاب البريّة تنمو وتنمو ولا أحد يقصّها، أغصان كثيرة في أشجار التفّاح يابسة وأُخرى هاوية تلامس الأرض. أجبتهما بنعم، صاحب هذا البيت القديم، الذي شُيّد في خمسينيّات القرن الفائت، من أقدم البيوت في هذا الحيّ، قدِ ٱنتقل من هذه الفانية إلى دار الحقّ، منذ بضعة أعوام. قضى صاحب البيت سنواتِه الأخيرة أرملَ. مخلّفًا بنتًا واحدة فقط، وهي تسعى لبيعه مع هذه الأرض قُرابة الدونمين .

أذكر هنا أنّ صداقة ربطتني بالمرحوم الجار الذي كان يملك هذا العَقار، ولنسمه هنا عيسى، فمعه تسنّى لي تحسين قدرتي التعبيريّة في اللغة الفنلنديّة. إنّ إقامةَ علاقة صداقة حقيقيّة ليست بالأمر السهل أبدًا بشكل عامّ، وفي بلاد الشمال بنحو ٱستثنائيّ بٱمتياز. قد يعيش المرء الأجنبيّ، أو المحلّيّ عُقودًا من السنين، بدون أيّة عَلاقة تذكر مع الجيران، اللهمّ سوى مرحبا، مرحبا، وحديث عابر عن أحوال الطقس المتقلّبة بٱستمرار. من علامات نضوج المرحلة المديدة لإرساء دعائم الصداقة، دعوة الواحد للآخر لحمّام الساونا الفنلنديّ الشهير.

إنّ ٱجتيازي لخمسة مستويات اللغة، المتوفّرة في جامعة هلسنكي، لم يكن، في تقديري، كافيًا وناجعًا لامتلاك ناصية هذه اللغة الخاصّة في صرفها ونحوها، ففيها خمس عشرة صيغة إعرابيّة (cases). أقول ذلك بالرغم من نجاحي في ٱمتحان اللغة الرسميّ الموسّع للحصول على الجنسيّة. من المعروف، أنّ معرفة قواعد اللغة لوحدها غير كافية، ولا تؤدّي بالضرورة إلى التمكّن من مهاراتها الأساسيّة الثلاث: الحديث، القراءة والكتابة (أسمى المهارات: التفكير باللغة وليس الترجمة إليها من لغة أخرى) وأصعبها بلا ريبَ الكتابة. برهان ساطع لهذه الظاهرة هو مثلًا، حالة معظم أساتذة/بروفيسوريّة اللغة العربيّة في الجامعات الغربيّة، فهم عاجزون عن التحدّث ولو بجُمل قليلة بالعربيّة المعياريّة السليمة أو بإحدى اللهجات العربيّة الحديثة؛ وقُلِ الأمر ذاتَه بخصوص الكتابة، أمّا القراءة فحدِّث عنها ولا حرج، فالحال يغدو خالا والتين طينًا والجزر شجرًا وتاب طاب وصبّ سبّ وقسا كسا وأسيل أصيلا إلخ.

لقدِ ٱستفدت من المرحوم عيسى كثيرًا في عمليّة اكتساب لغة المحادثة، لا سيّما لأنّه لم يكن يعرِف أيّة لغة أخرى ليتعكّز عليها وقت الحاجة لشرح ما استغلق عليّ. أرى أنّ هذه الحالة من أفضل الحالات لاكتساب لغة جديدة بالرغم من الشعور بالإحباط والتخبّط والريبة في البدايات .

في هذا اللقاء العابر، أخبرني الزوجان أنّهما عادا من مِشْوارهما لقراءة كتابات أقفال الجسر الأحمر، الذي أُقيم في الآونة الأخيرة. سمعتُ ولم أستفسر عن قصدهما، ودّعتهما وطفقت متّجهًا إلى الجسر الذي زرته غير مرّة. وصلت الجسر بعد ثماني أو عشر دقائقَ، مسافة ألف وأربعمائة خُطوة. أوّل ما ٱسترعى انتباهي، وجود أقفال كثيرة بأحجام وأشكال وألوان متنوّعة، معلّقة على حاجزَي جانبَي الجسر. في الوهلة الأولى، دُهشت إذ أنّ مثل هذا المنظر للأقفال يكون مُصاحبًا لجنازير تُربط بدرّاجات ناريّة، تُرْكن هناك لفترة ما لتفادي السرقات، ريثما يعود أصحابُها فيستقلّونها عائدين إلى منازلهم. أعدتُ النظر عن كثب، وإذا بكلمات قصيرة على جانبي الأقفال أو على لوحة الحاجز تعبّر عن الحبّ والإخلاص بين هذا وهذه، ذاك وتلك وشكل القلب باللون الأحمر يحتضن المكتوب. اسما العاشقين الشخصيّان مذكوران إذا كان حجم القفل يسمح بذلك، وإلا فالحرف الأوّل فقط من كلّ اسم شخصيّ (لا أقول الاسم الأوّل!!). يُذكر أنّ هناك موقعًا إلكترونيًا في فنلندا يحمل الاسم ”أقفال الحبّ“.

إبرام هذه العَلاقة الحميمة بين الطرفين، قد تمّ وخُتِم، ومِفتاح كلّ قُفْل لدى صاحبيه! هذه العادة الفنلنديّة حديثة العهد، حوالي عَقْد من السنين أو أكثر بقليل.

عدتُ لزيارة ذلك الجسر، بعد مرور عام تقريبًا، وتبيّن لي بجَلاء أنّ عددَ الأقفال قد قلّ بنحوٍ ملحوظ!



()
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتابات أقفال الحبّ على الجسر الأحمر الجديد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة الحبّ من مصر
» من فوائد الشمندر الأحمر
» هيا بنا نرحب بالعضو الجديد (ابو الرووووووووووووووووووووووووم )
» دعونا نرحب بالعضو الجديد
» رحبو معي بالعضو الجديد عدي الصحناوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابن الجبل :: الفئة الأولى :: مضافة ابن الجبل السويداء-
انتقل الى:  
راديو صوت الجبل