نقلت جريدة الشروق الجزائرية اليومية واسعة الانتشار فى عددها الصادر صباح اليوم السبت عن مصادر عن مصادر إعلامية موريتانية، أن زيارة الأمير القطري الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لموريتانيا، لم تمر كما توقعتها قطر ولا الجمهورية الموريتانية، حيث أكدت بعض المصادر أن اللقاء الثنائي شهد مشادات كلامية في ختام الزيارة، ووصفها البعض بالطرد المباشر للأمير حمد..
وأكدت المصادر ذاتها، أن المشادات حدثت في نهاية اللقاء بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وأمير قطر، حيث أفاد مصدر مقرب من القصر الرئاسي في موريتانيا لعدد من الصحف الموريتانية، أن أمير دولة قطر نصح ولد عبد العزيز خلال حديث دار بينهما بضرورة إحداث إصلاحات ديمقراطية في البلاد، من خلال بسط الحريات وانتهاج سياسية اقتصادية ناجعة، وتقريب التيار الإصلاحي الإسلامي، والتشاور معه، والاسترشاد بالشيخ محمد الحسن ولد الددو، الذي أثنى عليه الأمير، غير أن هذه النصيحة -حسبه- أثارت حفيظة ولد عبد العزيز، الذي انتقد السياسة القطرية فيما اسماه " تصدير الثورة " وتوجيه قناة " الجزيرة " للتأليب والتحريض ضد الأنظمة العربية، معتبرا أن نصيحة الأمير القطري له تدخل في الشؤون الداخلية
.
ومما أضفى على هذه التسريبات نوعا من المصداقية، كانت حادثة سابقة من نوعها، في مراسيم استقبال وتوديع الضيوف في موريتانيا، فالرئيس الموريتاني لم يودّع ضيفه القطري إلى المطار، كما لم يسمح للوزراء بتوديعه، واستدلّ الناقلون للخبر بكيفية تعاطي التلفزة الموريتانية مع حفل توديع الأمير القطري، حيث لم تبثه مثلما تعود الموريتانيون خلال زيارة أي مسؤول لبلادهم
.
وجاءت زيارة الأمير القطري لموريتانيا في "وقت غير مناسب"، مثلما وصفته المعارضة الموريتانية، وهي الزيارة التي تأجلت أكثر من مرة، واتفق أخيرا على موعدها وأهم محاورها، وكذا الترتيبات النهائية لها والتي لم يعلن عنها حتى عشية الزيارة، هذه الأخيرة تجاهلتها وسائل الإعلام الرسمية ولم تعطها الزخم المعتاد للزيارات المشابهة
.
ونقلت المصادر ذاتها، أن محور اللقاء كان موضوع "الأزمة السورية والوضع القائم في ليبيا، وأن الأمير القطري ربما يحمل في جعبته الكثير بشأن توافقات عربية قادمة حول الملف السوري قبل اجتماع الجامعة العربية" المقرر صبيحة اليوم بالقاهرة، وذلك حسبها يأتي "وسط مخاوف لدى البعض من تغيير مفاجئ للسياسة الموريتانية تجاه الملف السوري، مما قد يمهد لتدويل أكثر للأزمة في ظل تراجع الموقف الجزائري، والدفع الخليجي بالملف بقوة إلى واجهة الأحداث " .
وفي سياق متصل، قالت بعض الأطراف الموريتانية أن أهم محور للزيارة كان "الوعود الخليجية المهمة" التي حملها الأمير القطري للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، مقابل "تغيير موقفه من العديد من القضايا الإقليمية وفي مقدمتها الملف السوري والليبي والعلاقة بطهران" .
وأكدت مصادر إعلامية موريتانية لـ"الشروق" أمس، أن زيارة الأمير القطري لبلدهم والتي لم يفصح عن توقيتها إلا عشية الزيارة، وكذا التكتم عن مضمونها، استقبلت في نواكشوط بحملة معادية من قبل جماهير عبّأها حزبان جديدان أحدهما موال لنظام الزعيم الليبي المقتول معمر القذافي، وهو حزب الديمقراطية المباشرة، والآخر موال لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وهو الحزب الوحدوي الاشتراكي، وقد رفع الرافضون للزيارة عبارات "رافضة للأمير القطري المؤلب على أنظمة الممانعة"، وكذا عبارات ساخرة منه ومن السياسة القطرية تجاه بعض الأنظمة التي يصفها هذين الحزبين بأنظمة الممانعة .
المعارضة السياسية المناوئة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز هي الأخرى قالت إن توقيت الزيارة كان غير مناسب، واتهمت قطر بالكيل بمكيالين "ففي الوقت الذي تنخرط فيه في دعم الثورة الليبية، وساندت فيه ثورة مصر وتونس واليمن، تحاول الآن توطيد دعائم نظام شمولي يجمع معارضوه على ضرورة رحيله"، ورأت أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز "يحاول من خلال التنازل للقطريين إقناعهم بإطلاق بعض المشاريع التنموية المتعثرة منذ وصوله للسلطة في انقلاب عسكري سنة 2008 لامتصاص غضب الشارع الثائر، واستدرار أموال الخليجيين لمواجهة نذر جفاف باتت مقدماته أمرا مرعبا للسكان المحليين ".