ما أصعب أن يكون هناك..... يوم للتأمل

ما أصعب أن يكون هناك.....
يوم للتأمل


قررت في صباح ربيعي جميل، أن لا أدع شيئا" يعكر مزاجي.
لأنه أصبحنا قليلا" ما نجد الهدوء في هذا الزمن.
فقلت هذا اليوم سيكون للتأمل فقط.
ارتديت ملابسي الملونة بالحياة و الأمل، مررت من جانب جارتنا
- صباح الخير يا أم كريم
- صباح النور يا ابنتي
- ما هذا النشاط؟
- قالت سأبدل هواء المنزل و أعيد النقاء له، فنيسان شهر العطر و الجمال.
تركت الجارة، لتتابع عملها، و تذكرت كتبي المكدسة على رفرف المكتبة،أ لم تضجر من الصمت و التخزين و برد الشتاء، ألا يحق لها أن تغسل وجهها بالدفء و تعطر أنفاسها بأغنيات العصافير و زهور الجوري؟.
لكني لن اعود الأن من أجلها، غدا" سأحررها ،فأنا يحق لي بيوم للتأمل.
تناسيت جوالي في المنزل،و تركت لنسائم نيسان مهمة تصفيف شعري.
فجأة مرّ من جانبي سائق مجنون،نسي أن في هذه المنطقة مطبات كثيرة،أو ربما لم يعلم لأنه لا يوجد لوحات تدل على ذلك،و هو ليس من المنطقة.ارتفع و كاد يتدحرج بمركبته.
أغمضت عيوني و تجمدت مكاني.
اجتمع الناس حوله،البعض يقول لماذا تسرع،أن تصل متاخرا" أفضل من أن لا تصل أبدا"؟ و البعض الاخر ألم تلاحظ وجود المطب.
و السائق يلعن هذا اليوم،و يقول ألا يكفينا مطبات الحياة،و الشوارع المحفرة دائما" إما للمياه أو للكهرباء أو .....و ارتفاع سعر المحروقات و .....و.....
تابعت طريقي،و رأسي كاد ينفجر ، و أنا أفكر لو أن ذلك السائق لو لم يتمكن من الوقوف في اللحظة المناسبة لربما فارق الحياة.و لكن رغم كل ما حدث قررت يحق لي بيوم للتأمل فقط.
فكرت سأزور شجرة الكينا ،التي على طريق مدرستي الابتدائية،فمنذ زمن طويل لم أمرّ من ذلك الشارع.
فكم كنا نلعب تحت ظلالها،و هي تتحمل مشاغباتنا البريئة،نرسم على جذعها أسمائنا، و أحلامنا، و أغنياتنا،و أنفاسنا،و دموعنا.
و لم تغضب يوما" منا،بل بقيت خضراء،ترقص للربيع،تحضن الخطوات الحائرة،تروي الحكايات للأطفال،و تعطي من أغصانها نايا" للشباب،فينسجوا قصص عشقهم ألحانا" و سحرا".
أغصانها تحمل كل يوم عشا" جديدا".
كانت جنة صغيرة على الأرض،و ربما أنا اعتبرتها جنتي الجميلة و ما إن اقتربت من المكان،حتى شعرت ان قلبي كاد يتوقف للحظاتعن ضجيج الفرح و اللقاء.
هذا هو المكان ،و هذا هو المنزل،و لكن لم أجد شجرة الكينا،تمنيت أن أكون مخطئة بالعنوان.
اقتربت من المنزل فكان هناك رجل كبير بالسن يجلس على كرسي خشبي قديم،يقرأ في بعض الصحف اليومية.
و ما إن ألقيت التحية عليه،حتى بدأ يسرد لي معاناته،كأنه كان ينتظر من يحدثه.
انظري يا ابنتي الأخبار متشابهة،مازال الموت في الشوارع، ألن تنتهي هذه الأزمة.
الأسعار ترتفع كأنها تطير،أصبحنا نخاف من كل شيء.
شعرت بالحزن لأجله،فالكبار لديهم ذاكرة لا يمحوها الزمن،و من الصعوبة تغيير أفكارهم و قناعاتهم،و تابع كلامه كأني جئت للمكان لأتحدث معه.
حتى الأرض غاضبة،أين الخيرات التي كانت تهبنا إياها،أه في أي زمان أصبحنا و كاد يكمل سرد همومه،و لكني قاطعته بجنون
يا عم ألم تكن هنا منذ زمن شجرة كينا كبيرة،و ماتت باقي الكلمات في فمي.
بعدما لمحت في عيون الرجل دمعة حائرة،يا ابنتي أصبح مكانها هذا المحل الكبير،لبيع كل شيء جاهز للأسرة،و تابع أصبح الناس لا يحبون التعب و العمل فكل شيء معلب و معد للاستخدام السريع.
كدت أقول ألم يعلموا أن الأشجار رئة الأرض،فهذا سبب الانحباس الحراري و ثقب الأوزون،و لكن كيف سأزيد ألام هذا الرجل الذي منذ لحظات كان يسرد لي معاناته مع الانحباس الإنساني،و الثقب الذي أصاب الوطن و الإنسان.
اخترت الصمت
و عدت أدراجي للمنزل،و أنا أفكر بدمعة ذلك الرجل الذي حاول إخفائها،و بشجرة الكينا التي اغتالوا حياتها و ذكرياتي،و بالأمس النقي و الجميل،و بالغد المجهول،و بالأزمة و الأسعار التي تطير،و بقلوب البشر التي تحجرت،و بالأطفال فأي غد سيكون عندهم،و بكل شيء.
و قررت أن لا أخرج كتبي للشارع،فلم يعد زمن الدفء.
سأغني لها أنا،أو سأسمعها كاسيت موسيقا كلاسيكية ،و لن أسمح لها بمتابعة الأخبار أو قراءة الصحف اليومية،و الأسبوعية أيضا".
لأني أخاف أن تقطع أيادي مجهولة أشجارها،و يردموا أحلامها،ليعلنوا شعارات و يعقدوا إجتماعات.
و ما أصعب أن يكون في هذا الزمن.يوما" للتأمل فقط

الاخت الكريمه وعد

اولا اهلا بك معنا في هذا المنتدى مبدعه متميزه دائما

ثانيا جميل جدا ما نثرتيه ويبقى التامل الشئ الوحيد

الذي قد يعطينا شئ من الحياه وما هذا الزمن الا زمن

المتغيرات /////// الف شكر لك حفضك الله


ارام //////////////// :hdhk:

شكرا لتواجدكم الراقي في قصتي

و نحن نتوق الى لحظة تأمل
لكم تحياتي دائما"
و منذ فترة أحاول دخول الموقع و لكن السبب هو ضعف الانترنت

لا مفر من السكون

حيثُ يأخذك التأمل في أرجاء المكان

وتطوف عيونك بكل الزوايا والأركان

فكأنك حينها تسمع أنفاسك حروفاً

وتتردد زفراتك كلمات

يعيدها إليك صدى السكون

رغم أنك على يقين

أنه صدى لسكونك الحزين

حينها ستطلق زفرةً من صدرك

حرارتها تكاد تُحرِقُ قلبك

لأنك ستعود من جديد

لتبدأ التأمل من حيث كُنت

وتردد ......

ما أصعب أن تكون ................... !!!

وستنتهي عند

صدى السكون

الأخت وعد صاحبة القلم المبدع والأطلالة الرائعة

تحية لك مجددة في هذا المكااان

دمتي مميزة