ثقافة الحب

كيف نغرس الحب في نفوس أطفالنا و نحن نفتقد لثقافة الحب؟ من حق الحب علينا أن نعترف بوجود ثقافته التي تنعش ذاكرتنا و أرواحنا و حروفنا و ســطورنا كعشاق كتاب و كلمة .. والسؤال الذي يطرح نفسه


ما هي ثقافة الحب ..؟ هل هو شعور مغذ لاحتياجات الفرد الجسدية و العاطفية و النفسية و الفكرية ؟ أم هو فن من فنون الوجود الاجتماعي ؟ منذ عهد آدم و حواء نمت جذور العواطف لتكتمل دورة الحياة و يكون هناك إنجاب ذرية لتتشكل النواة البشرية الكبرى و كان لأساطير الحب و العشق دورها الكبير في تغذية العقل البشــري . و مع تطور الزمن تطـــورت العلاقات الاجتماعية بكل مجالاتها و أصبحت نظرتنا للحب مخالفة تماماً لمفهومه الحقيقي الذي جعلنا ننحرف عن مساره المقدس بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى لأنه أصبح عبارة عن تلبية و ليست طموحات . هذا بدوره عطـل مفهوم الجمال الروحي و خــرب ذاكرة الناس ما أدى إلى تفشي الانحراف عند أجيالنا و من هم قائمون على تربية هذه الأجيال و حمايتها و حتى تكتمل شروط ثقافة الحب لا بد من وجود ثقافة الحرية و ثقافة التربية الاجتماعية التي تقوم بنائية كل منها على شروط قيمية أخلاقية لأنه لا ثقافة للحب إن لم يكن هناك ثقافة للحرية الفردية منشؤها و قوامها الثقافة الاجتماعية والمقصود بالثقافة الاجتماعية وعي الفرد لدوره الاجتماعي على صعيد الأسرة و الشارع والحي و المدرسة لكن هل يتحقق شروط الوعي الثقافي عند الفرد الواحد إن لم يكن منطلقا من ذاته الحرة غير المقيدة ؟ سؤال جدير بأن يمنح الوقت اللازم والجهد الكامل و أن نقف عنده للإجابة عن بعض التساؤلات ؟ كيف نغرس الحب في نفوس أطفالنا و نفوس الآخرين و نحن نفتقد لثقافة الحب ؟ كيف نكتشف مواهب أطفالنا و نصقلها ؟‏
إن اكتشاف الطفل الموهوب ليس أمراً يسيراً و ليس هنالك من معايير نظرية محددة لتحديد الطفل الموهوب و ليس هنالك طرق محددة لتشخيص الموهبة و لتحديد صفات و بواكير الموهبة لا بد من صقل ثقافة الوالدين من الإلمام ببعض الصفات المميزة للموهوب عقليا خصوصا في مرحلة النمو المبكرة . و لابد للوالدين من ملاحظة الظواهر التي تؤشر على أن طفلهم يتميز عن الآخرين من هم في عمره من نشاطات عقلية و عملية مبكرة و هنالك إشارات لا بد من مراقبتها تميز الطفل عن غيره منها على سبيل المثال إتقان اللغة في الحديث و التمسك و الحرص على سلامتها ومراقبة سلوكه في البيت و محاولة الإجابة على جميع الأسئلة التي يطرحها ببساطة و سهولة و صدق و لتكتمل الصورة لا بد من أن يمتاز الوالدان بالحب و دقة الملاحظة و نقل هذه المؤشرات إلى معلم الصف الذي هو بدوره يلحظ إشارات خاصة يمتاز بها الطفل عن غيره لصقلها .و لا ننسى دور الإعلام في عصرنا الحالي أداة قادرة على توجيه الفكر و الاهتمام والثقافة و لم يقتصر مفهوم الإعلام على الكبار فقط بل صار للأطفال محطات فضائية خاصة إعلانات و مسابقات وفنون مختلفة وشخصيات محددة ..... و يتأثرون بما يرونه من أفلام كرتون .‏
كانت لعبة الطفل سابقا بسيطة محدودة السعر بمتناول كل الفئات أما اليوم أصبحت الموضة تسبق و تخترق الجيوب دون استئذان و المصانع تتسابق في الإنتاج حتى وصلت الموضة باللوازم المدرسية تحمل صور ممثلين و مطربين و أبطال مسلسلات .‏
لماذا لا تكون قدوة ابنك البطل العربي و لعبته هي المعارك و البطولات و حفظ الأحاديث الصحيحة والقيم والمثل العليا فذلك بلا شك يساعدك في العملية التربوية . كما يساعد على تنشئة جيل عربي متميز ؟ ما الذي نحتاجه الآن ؟ إننا نحتاج إلى فريق من المؤلفين و الرسامين والمبدعين التربويين لينتجوا برامجاً تحاكي ما تعرضه هذه المحطات الفضائية . نحن بحاجة أن نرسم الابتسامة البريئة و رسم طفولة حقيقية على وجه أطفالنا لأنهم بدؤوا يفقدون براءتهم في العصر المعلوماتي الحالي ( الثقافة الالكترونية ) دون قيود أو حدود لتنسل بخبث إلى عالمهم البريء و تفرض عليهم النضج المبكر ليصبح رجلاً صغيراً قبل أوانه لم يعد يرى بعينه إلا شاشة التلفاز أو الفيديو بدلاً من أشكال الزهور و ال؟ات و النباتات , و لا يسمع بأذنيه سوى الموسيقى الصاخبة بدلاً من أصوات الطبيعة الهادئة و لا يلمس بيديه إلا لوحة مفاتيح الكمبيوتر بدلاً من الألعاب التربوية .إننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة النظر في أساليب تربية الطفل .و من أهم ملامح التربية الجديدة لطفل المستقبل التربية الروحية لتسير جنباً إلى جنب مع تنمية المهارات العقلية التي أصبحت سلاح الإنسان في هذا العصر و من أهم مضامين هذه التربية الروحية تدعيم الرباط الأسري و زرع المحبة و التسامح بين الناس و تعزيز الإيمان بالله تعالى الذي يعطى صمام الأمان وواصلة الاطمئنان. ولكي نعبر حدود عقول و قلوب الآخرين لا بد من جواز سفر عنوانه ( ثقافة الحب والوعي الاجتماعي ) .‏

:jgd: