الله يخلّي لولاد
ترجمة حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
نمر مرقص في كتابه ”أقوى من النسيان“ يروي أنّه في إحدى قرى الشمال، في مستهلّ القرن الماضي جاء فلاحون لتهنئة صديقهم لمناسبة ولادة نجله. قال لهم الصديق: ”روحوا باركوا للمشايخ جاءهم قطروز جديد“.
إذا اتّبعنا نهج عقلانية صارمة، ففي أعقاب ولادة طفل يهودي، يجب إرسال برقية تهنئة ليس للوالديْن، بل لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي: مبروك، وُلد جندي جديد للجيش.
هناك من سيقول ، كلام كهذا ممنوع؛ ولكن اتّهام الفلسطينيين بأنّهم يربّون أولادهم على الكراهية وتبجيل الموت، فهذا مسموح به بل ومألوف. أضف إلى ذلك، في كل مرّة نرفع فيها صوتنا ضد الاحتلال، يؤنّبوننا قائلين لنا: هيّا ارفعوا أصواتكم ضد التعصّب العربي.
لا عليكم، يا أصدقائي، باستطاعتنا في اللغة العربية أن نستعمل عباراتٍ قاسيةً كي يسلك أبناء شعبنا، الرازحين تحت جهنم الاحتلال، سلوكا أخلاقيا.
الغريب في الأمر، أن هذه اللهجة كانت تُسمع بكل رونقها قبل ظاهرة السكاكين والحجارة أيضا، عندما قالت رئيسة الحكومة غولدا مئير: ”سيحلّ السلام علينا مع العرب فقط عندما يُحبّون أولادهم أكثر مما يكرهوننا“. وفي سياق الحديث عن محبّة الأولاد، فإن إدخال تغيير ضئيل على هذا الاقتباس لن يضرّ: ضعوا ’يهودا‘ بدلًا من ’عرب‘.
حان الوقت لأم يهودية أن تشرح لي، كيف تسمح لابنها أن يعمل في حاجز (مَحْسوم) كالحاجز في وادي ؟ة، حيث قُتل عشرة جنود رميا بالرصاص قبل عقد من الزمان تقريبًا.
إذا كان ابني ’سيعلق‘، لا سمح الله، في وسط منطقة غير مرغوب بها، هذا أقلّ ما يقال عنها، يبدو لي أنّني كنت سأحلّ محلّه في تلك المناوبة، لأنّي لم أُنجب ابنًا لأفقده، أو ليخوض تجربة مروّعة كهذه. أو كنت سأقول له، وعذرا على الروح الانهزامية، إنّي لا أسمح لك بالذهاب إلى هناك.
وفي هذه الأثناء، تربّي الأم اليهودية ابنًا وابنًا آخرَ كي يعمل ثمة، على الحاجز؛ مش حرام؟
أيُّ حبّ لابن، عندما يُرسَل لاقتحام غرفة نوم فلسطينيّ في مخيّم بائس للاجئين؟ أو حين يُرسَل لحماية المستوطنين الذين يغزون كروم زيتون الفلسطينيين؟ وأيّ حب للابن، عندما تُرغم مستوطِنةٌ أبناءها على العيش في جوّ عدائيّ؟ والحبّ الذي هو أمّ كل ألوان الحبّ، عندما تستوطن أمٌّ يهودية في قلب مدينة الخليل؟
كل التقدير لقدرة التحمّل لدى ”أم بولندية “، تربّي وتثقّف وتهتمّ. عند تسلّم الأمر، هي والعائلة كلُّها ترافق الابن باعتزاز إلى ”قاعدة الاستيعاب والتعريب“ لكي يُمرمر حياة شعب آخرَ، وفي الطريق ذاتها يُمَسكن حياته هو أيضًا. يشعياهو ليفوفتش افترض في حينه، إن رفض آلاف الشبان اليهود تأدية الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة فهذا سيؤدّي إلى انهيار الاحتلال. هذا لا يحدث بالنسبة للأم اليهودية المحبّة.
مع كل هذا، هناك تحسُّن ما في الوضع. في عام ١٩٥٦ أرسلتِ الأم اليهودية عزيزَها في خدمة البريطانيين والفرنسيين لقمع الشعب المصريّ، الذي تجرّأ على المطالبة بالسيادة على قناة السويس. إنّها اليوم تسمح فقط لعزيزها في تنغيص حياة الشعب الجار.
حالة طريفة انبثقت في هذا الزمن. يُنجب اليهود جنودًا مزوّدين بأفضل السلاح، والفلسطينيون يُنجبون شبابًا يركضون وفي يدهم سكّين، قد لا تقتل، ولكن من المحتمل القريب جدّا أن يُقتلوا.
حتى ولو أثبت أن الفلسطينيين ”؟ات متوحشة“، كما يدّعي بني موريس، فإن السؤال المطروح: لمن حرية الاختيار؟ بمقدور اليهود أن يقولوا للفلسطينيين ”باي، ولا إلى اللقاء“، إلا أن الفلسطينيين لا يستطيعون القول ”باي، إسرائيل“.
هذه هي المشكلة: القادر لا يريد، والراغب لا يقدر.
الأصل بالعبرية:
אללה יכלי ליוולאד"- אלוהים ישמור על הילדים/ עודה בשאראת
http://www.haaretz.co.il/opinions/.premium-1.2771352