صورة الهيكل على ظهر بدْلة فاخرة
Drawing of the Mishkan on the Back of an Luxurious Suit
ترجمة ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها الكاهن توفيق بن تقي بن توفيق الكاهن الحفتاوي (مَتْسليح ابن فنحاس بن متسليح هحبتئي، ١٩٣٧-١٩٩٦، مرتّل، شمّاس في كنيس نابلس وجبل جريزيم) بالعربية على مسامع الأمين (بنياميم) صدقة (١٩٤٤- )، الذي بدوره ترجمها للعبرية، نقّحها، اعتنى بأُسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٤٤-١٢٤٥، ١ آب ٢٠١٧، ص. ٧٢-٧٦. هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الراهن؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية) بالخطّ اللاتيني.
بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، توزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري من المائة والستّين في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحُسني (بنياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).
”أبي الكاهن الأكبر، تقي (فنحاس) يستقبل رئيس دولة إسرائيل
أراك تنظر إلى الصور في غرفة الضيوف في منزلي في قرية لوزا، والابتسامة على وجهك. كما أعرف لماذا تبتسم، لأنّك ترى هناك صورة والدي، تقي بن توفيق (فنحاس بن متسليح) الذي أحببتموه جدّا كما أحبّكم.
أذكر أنّه أجلّ أباك ولبّى له كلّ دعوة زيارة أو ٱشتراك في حدَث ما. كما أنّي لا أذكر أيّة مناسبة فرح في أُسرتكم لم يشترك فيها، بل قضى عدّة سبوت من الفرح في حولون. بالجملة هو استمرّ في النهج الذي سلكه أبوه الكاهن الفاضل السامي ومحبوب الكلّ، توفيق بن خضر (متسليح بن فنحاس)، المعروف بأبي واصف. ومع أخيه البكر واصف بن توفيق (آشر بن توفيق)، الذي كان كاهنًا أكبر قبله، دأبا على السفر مع أبيهما من وقت لآخرَ من نابلس إلى يافا لقضاء يوم السبت في منزل إبراهيم بن مفرج (مرحيب) صدقة الصباحي (هصفري)، وبعد ذلك في بيت ابنه حسني (يفت) في العقود: الأوّل والثاني والثالث من القرن العشرين، رحمهم الله جميعا. أبي، رحمه الله، حرص على احترام الناس ولذلك حظي باحترامهم. وعُرف عنه حرصه الشديد على المحافظة على فرائض التوراة وبالتأكيد فرائض ”لا تصنع لك نحتا وأيّ شبه“ [سفر الخروج ٢٠: ٤، أنظر: حسيب شحادة، الترجمة العربية لتوراة السامريين، المجلّد الأوّل: سفر التكوين وسفرالخروج. القدس: الأكاديمية الوطنية الإسرائيلية للعلوم والآداب، ١٩٨٩، ص. ٣٤٨-٣٤٩]. لم تُعلّق على جدران بيته رسومات أو صور، حرص على حفر كلّ الصور والمناظر الجميلة التي شاهدها في حياته في قلبه.
[ملاحظة المحرِّر: التوراة تمنع الرسومات والصور في حالة استخدامها في العبادة، ولكن تعليقها على الحائط للزينة وللتمتّع بها فمسموح به].
أبي زار كلًّا من مصر ودمشق وعمّان والقدس وجبل هور (أنظر مثلًا سفر العدد ٢٠: ٢٣) حيث قُبر أهرون الكاهن شقيق موسى والخليل في مغارة المضعّفة حيث قبور الآباء والأمّهات الصدّيقين. إنّي أراه بمخيّلتي وأنا يافع يخطو مع أخيه في أعقاب أبيهما ذي الهيبة والوقار، وهو يسير نحو قمّة جبل جريزيم. هذا المنظر كان عظيمًا جليلًا لا مثيلَ له ولن يمّحي من ذاكرتي.
أظنّ أنّ نقطة الذروة في كهنوته ككاهن أكبرَ، كانت عام ١٩٨٤عندما زار الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ نابلس. والرئيس هرتسوغ كان يعلم مَن أعلى مرتبة مِن مَن، صعِد الدرجات الموصلة إلى الطابق الثاني حيث بيت أبي ودخل البهو. قام أبي، توجّه نحوه وعانقه. بعد ذلك نزلا معًا إلى مدخل الكنيس في نابلس، وكرّم والدي الرئيسَ بالخبز والملح كعهد سلام. لن أنسى هذا المشهد الهائل أبدا.
عمّي أبو زوجتي الفنّان الممتاز الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق (عزّي)
نفس القدر من الاحترام الوافر أكُنّه لذكرى عمّي، والد زوجتي الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق، الذي تسلّم الكهنوت بعد وفاة أبي، رحمة الله عليهما. آه، كم أحببت هذا الكاهن، لأنّني كنت على دراية بمساهمته الجليلة في إعلاء سُمعة طائفتنا لدى الناس خارجها. لا أذكر ضيفًا واحدًا، ذا مكانة مرموقة أو من عامّة الشعب، غادر منزل عمّي الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق، إلّا وهو راضٍ ومفْعم بالانطباع الطيّب. كان مُحدثًا لبقًا حاذقًا من الطراز الأوّل، وذا ثقافة عامّة واسعة.
للحصول على الرزق زاول عمّي يعقوب، أبي زوجتي، قراءة الكفّ، بعد أنِ اطّلع على مصادرَ جمّة في هذا المجال، فقراءة الكفّ تربِط بين القارىء ومزاج صاحب الكفّ وحالته النفسية. رأيت رجالًا ونساءً يمدّون كفّ يدهم اليمنى لقراءتها، وهم منفعلون، ويغادرون بعد ذلك مكتبه في نابلس، وهم أكثر انفعالًا من المعرفة الغزيرة التي كشفها عمّي عن حنايا قلب كلّ منهم. وكان يقول دائمًا إنّ الكاهن خاضع لإرادة الله، وهذا عزّز إيمان الذين أتوا يطلبون معرفة مستقبلهم وما قال لهم.
كلّ من يتتبّع صورَه في حالات مختلفة، يرى رأسًا أبرزَ شيء فيها، أصابعه الطويلة جدّا. قد يقول قائل إنّ لديه أصابع عازف بيانو، أمّا أنا فأقول، أوّلًا وقبل كلّ شيء، إنّ لديه أصابع فنّان، فنان رائع. ونتيجة لاتساع المسافة بين أصابع يديه الطويلة، أفلح في تبوّؤ مكانة في التاريخ بين أصحاب أجمل خطوط اليد في العربية والعبرية القديمة. وتشهد على ذلك عضّادات الباب الكثيرة التي كتبها بخطّ يده، وهي تزيّن جدران بيوت كثيرة في نابلس وجبل جريزيم وحولون.
الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق (عزّي، Azzee˓