أتسلل بين أنظار الزجاجيات ..... أسحب فنجان القهوة بهدوء .....أقوم بإنهاء كامل الخطة رقم 5 لصناعة فنجان قهوة مسائي بدون سكر.....و بثلاث خطوات سريعة أجلس على الشرفة بعد أن أتيقن من أن شمسنا قد أنهكها التعب و لجأت الى فراش الليل......أتنفس الصعداء .... آه ما أجمل الهدوء ....بحارتنا ....قلة من الصبية الصغار يلعبون بصمت ....
أرشف من فنجاني و أغمض عينيّ للحظة .... وكأنني بهذه الجريمة قد رشفت الصمت من حارتنا و فتحت أبواب أفواه الجميع......
فيجيييييييييييييييييييييي ........ ينادي بائع الماء و كأنه كلما رفع صوته سيزيد من دخله اليومي أو أنه يعتقد أن الناس لا يأخذون الماء إلا من البائع الجعوري الذي يستطيع بصوت واحد أن يسطح طبل و ليس طبلة أذن ........
يجاوبه صوت مزمار بائع المازوت ..... طات ...ثلاث مرات لانك اذا سمعته مرة واحد ستقول ما هذا البائع البخيل ....لماذا لا يتكرّم علينا بشي طاتين أو أكثر ..... ياأخي ما بدو ينزل من سعر المازوت مش مشكلة بس خلي يطوطلنا شوي لنحس بالبرد لانو حاسة البرد صارت مربوطة بعدد الطاتات .... حسب النظرية النسبية لبائع المازوت
و تبدأ الهمهمة بالحارة و كأن فتيل الضجيج قد أشعلته رشفة فنجان القهوة ......
ينادي أبو ممدوح ..... يا ولد بس يمر بياع البطيخ خبرني .....
يجاوب أبو مثقال الدكنجي ...... شو يااااااااا هلق صرت بدك بياع البطيخ .... يا أخي سدنا هالدينات بالأول .... بعدين نسيت اني جبت بطيخ ..... ترد ام هادي .... يا خيي هذا بو ممدوح صاير مثل السودان القبلي (( جنوب السودان ))
بياخذ من جيرانو بالدين وبيشتري سلاح من برا ......و مع صوت ام هادي .... تنطلق التظاهرة الكلامية النسائية في الحارة ......حتى وصلو من بطيخة أبو ممدوح الى لون القمر الصناعي الذي سيتم اطلاقه الى الشمس ....مروراً بالتغيير المناخي في الولايات المتحدة و أحوال الشباب في الخليج ....عداك عن فتاوى ام فارس عن أسباب الأزمة المالية العالمية و أسباب سحب اليابان لسياراتها من السوق........
و مع كل هذا ما زلت كل يوم أخرج بفنجان القهوة الى الشرفة باحثاَ عن لحظة تأمل ...... تجمع بين الأفق .... تجمع بين أسئلة تدور في مخيلتي و اجابات أحصل عليها من هواء عليل .....لحظة أنظر الى السما و أعرف """ شو بدو بوجعه هالراس """" كان في آدم و حوا ومريح هالعبيد.......